الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»
.تفسير الآية رقم (200): {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)}{يَأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ اصبروا} أي احبسوا نفوسكم عن الجزع مما ينالها، والظاهر أن المراد الأمر بما يعم أقسام الصبر الثلاثة المتفاوتة في الدرجة الواردة في الخبر، وهو الصبر على المصيبة والصبر على الطاعة والصبر عن المعصية {وَصَابِرُواْ} أي اصبروا على شدائد الحرب مع أعداء الله تعالى صبرًا أكثر من صبرهم، وذكره بعد الأمر بالصبر العام لأنه أشدّ فيكون أفضل، فالعطف كعطف جبريل على الملائكة والصلاة الوسطى على الصلوات، وهذا وإن آل إلى الأمر بالجهاد إلا أنه أبلغ منه.{وَرَابِطُواْ} أي أقيموا في الثغور رابطين خيولكم فيها حابسين لها مترصدين للغزو مستعدين له بالغين في ذلك المبلغ الأوفى أكثر من أعدائكم، والمرابطة أيضًا نوع من الصبر، فالعطف هنا كالعطف السابق. وقد أخرج الشيخان عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها»، وأخرج ابن ماجه بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من مات مرابطًا في سبيل الله تعالى أجرى عليه أجر عمله الصالح الذي كان يعمله وأجرى عليه رزقه وأمن من الفتان وبعثه الله تعالى آمنًا من الفزع»، وأخرج الطبراني بسند لا بأس به عن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رابط يومًا في سبيل الله تعالى جعل الله تعالى بينه وبين النار سبع خنادق كل خندق كسبع سموات وسبع أرضين»، وأخرج أبو الشيخ عن أنس مرفوعًا «الصلاة بأرض الرباط بألف ألفي صلاة» وروي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن الرباط أفضل من الجهاد لأنه حقن دماء المسلمين والجهاد سفك دماء المشركين.{واتقوا الله} في مخالفة أمره على الإطلاق فيندرج فيه جميع ما مرّ اندرجا أوليًا. {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أي لكي تظفروا وتفوزوا بنيل المنية ودرك البغية والوصول إلى النجح في الطلبة وذلك حقيقة الفلاح، وهذه الآية على ما سمعت مشتملة على ما يرشد المؤمن إلى ما فيه مصلحة الدين والدنيا ويرقى به إلى الذروة العليا، وقرر ذلك بعضهم بأن أحوال الإنسان قسمان: الأول: ما يتعلق به وحده، والثاني: ما يتعلق به من حيث المشاركة مع أهل المنزل والمدينة، وقد أمر سبحانه نظرًا إلى الأول بالصبر ويندرج فيه الصبر على مشقة النظر، والاستدلال في معرفة التوحيد والنبوة والمعاد، والصبر على أداء الواجبات والمندوبات والاحتراز عن المنهيات والصبر على شدائد الدنيا وآفاتها ومخاوفها، وأمر نظرًا إلى الثاني بالمصابرة ويدخل فيها تحمل الأخلاق الردية من الأقارب والأجانب وترك الانتقام منهم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد مع أعداء الدين باللسان والسنان، ثم إنه لما كان تكليف الإنسان بما ذكر لابد له من إصلاح القوى النفسانية الباعثة على أضداد ذلك أمره سبحانه بالمرابطة أعم من أن تكون مرابطة ثغر أو نفس، ثم لما كانت ملاحظة الحق جل وعلا لابد منها في جميع الأعمال والأقوال حتى يكون معتدًا بها أمر سبحانه بالتقوى، ثم لما تمت وظائف العبودية ختم الكلام بوظيفة الربوبية وهو رجاء الفلاح منه انتهى، ولا يخفى أنه على ما فيه تمحل ظاهر وتعسف لا ينكره إلا مكابر، وأولى منه أن يقال: إنه تعالى أمر بالصبر العام أولًا لأنه كما في الخبز نزلة الرأس من الجسد وهو مفتاح الفرج.وقال بعضهم: لكل شيء جوهر وجوهر الإنسان العقل، وجوهر العقل الصبر، وادعى غير واحد أن جميع المراتب العلية والمراقي السنية الدينية والدنيوية لا تنال إلا بالصبر، ومن هنا قال الشاعر:ثم إنه تعالى أمر ثانيًا بنوع خاص من الصبر وهي المجاهدة التي يحصل بها النفع العام والعز التام، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا تركتم الجهاد سلط الله تعالى عليكم ذلًا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم» ثم ترقى إلى نوع آخر من ذلك هو أعلى وأغلى وهو المرابطة التي هي الإقامة في ثغر لدفع سوء مترقب ممن وراءه، ثم أمر سبحانه آخر الأمر بالتقوى العامة إذ لولاها لأوشك أن يخالط تلك الأشياء شيء من الرياء والعجب، ورؤية غير الله سبحانه فيفسدها، وبهذا تم المعجون الذي يبرئ العلة وروق الشراب الذي يروي الغلة. ومن هنا عقب ذلك بقوله عز شأنه: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وهذا مبني على ما هو المشهور في تفسير الآية، وقد روي في بعض الآثار غير ذلك، فقد أخرج ابن مردويه عن سلمة بن عبد الرحمن قال: أقبل عليَّ أبو هريرة يومًا فقال: أتدري يا ابن أخي فيم أنزلت هذه الآية {الحساب يَأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ اصبروا} إلخ؟ قلت: لا قال: أما إنه لم يكن في زمان النبي صلى الله عليه وسلم غزو يرابطون فيه ولكنها نزلت في قوم يعمرون المساجد يصلون الصلاة في مواقيتها ثم يذكرون الله تعالى فيها، ففيهم أنزلت أي اصبروا على الصلوات الخمس وصابروا أنفسكم وهواكم ورابطوا في مساجدكم واتقوا الله فيما علمكم لعلكم تفلحون، وأخرج مالك والشافعي وأحمد ومسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم بما يمحو الله تعالى به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطأ إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط».ولعل هذه الرواية عن أبي هريرة أصح من الرواية الأولى مع ما في الحكم فيها بأنه لم يكن في زمان النبي صلى الله عليه وسلم غزو يرابطون فيه من البعد بل لا يكاد يسلم ذلك له؛ ثم إن هذه الرواية وإن كانت صحيحة لا تنافي التفسير المشهور لجواز أن تكون اللام في الرباط فيها للعهد، ويراد به الرباط في سبيل الله تعالى ويكون قوله عليه السلام: «فذلكم الرباط» من قبيل زيد أسد، والمراد تشبيه ذلك بالرباط على وجه المبالغة. وأخرج عبد بن حميد عن زيد بن أسلم أن المراد اصبروا على الجهاد وصابروا عدوكم ورابطوا على دينكم، وعن الحسن أنه قال: اصبروا على المصيبة وصابروا على الصلوات ورابطوا في لجهاد في سبيل الله تعالى، وعن قتادة أنه قال: اصبروا على طاعة الله تعالى وصابروا أهل الضلال ورابطوا في سبيل الله، وهو قريب من الأول، والأول أولى.هذا ومن باب الإشارة: {إِنَّ فِي خَلْقِ السموات والأرض} أي العالم العلوي والعالم السفلي {واختلاف اليل والنهار} الظلمة والنور {لايات لاِوْلِى الالباب} [آل عمران: 190] وهم الناظرون إلى الخلق بعين الحق {الذين يَذْكُرُونَ الله قياما} في مقام الروح بالمشاهدة و{قعودًا} في محل القلب بالمكاشفة {وَقُعُودًا وعلى جُنُوبِهِمْ} أي تقلباتهم في مكامن النفس بالمجاهدة، وقال بعضهم: {الذين يذكرون الله قيامًا} أي قائمين باتباع أوامره و{قعودًا} أي قاعدين عن زواجره ونواهيه {وعلى جنوبهم} أي ومجتنبين مطالعات المخالفات بحال {وَيَتَفَكَّرُونَ} بألبابهم الخالصة عن شوائب الوهم {فِى خَلْقِ السموات والأرض} وذلك التفكر على معنيين، الأول: طلب غيبة القلوب في الغيوب التي هي كنوز أنوار الصفات لإدراك أنوار القدرة التي تبلغ الشاهد إلى المشهود، والثاني: جولان القلوب بنعت التفكر في إبداع الملك طلبًا لمشاهدة الملك في الملك فإذا شاهدوا قالوا {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا باطلا} بل هو مرايا لأسمائك ومظاهر لصفاتك، ويفصح بالمقصود قول لبيد: {سبحانك} أي تنزيهًا لك من أن يكون في الوجود سواك {فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 191] وهي نار الاحتجاب بالأكوان عن رؤية المكون {رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النار} وتحجبه عن الرؤية {فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} وأذللته بالبعد عنك {وَمَا للظالمين} الذين أشركوا ما لا وجود له في العير ولا النفير {مِنْ أَنصَارٍ} [آل عمران: 192] لاستيلاء التجلي القهرى عليهم {رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا} بأسماع قلوبنا {مُنَادِيًا} من أسرارنا التي هي شاطئ وادي الروح الأيمن {يُنَادِى للإيمان} العياني {وَإِذَا أُنزِلَتْ الرشد فَئَامَنَّا} أي شاهدوا ربكم فشاهدنا، أو {إننا سمعنا} في المقام الأول {مناديًا ينادي للإيمان} والمراد به هو الله تعالى حين خاطب الأرواح في عالم الذر بقوله سبحانه: {أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ} [الأعراف: 172] فإن ذلك دعاء لهم إلى الإيمان {فآمنا} يعنون قولهم: {بلى} حين شاهدوه هناك سبحانه: {رَبَّنَا فاغفر لَنَا ذُنُوبَنَا} أي ذنوب صفاتنا بصفاتك {وَكَفّرْ عَنَّا} سيئات أفعالنا برؤية أفعالك {وَتَوَفَّنَا} عن ذواتنا بالموت الاختياري {مَعَ الابرار} [آل عمران: 193] وهم القائمون على حد التفريد والتوحيد {رَبَّنَا وَءاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا على} ألسنة {رُسُلِكَ} بقولك: {لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] {وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ القيامة} بأن تحجبنا بنعمتك عنك {إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الميعاد} [آل عمران: 194] {فاستجاب لَهُمْ رَبُّهُمْ} لكمال رحمته {أَنّى لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مّنْكُمْ مّن ذَكَرٍ} القلب وعمله مثل الإخلاص واليقين {أَوْ أنثى} النفس وعملها إذا تركت المجاهدات والطاعات القالبية {بَعْضُكُم مّن بَعْضٍ} إذ يجمعكم أصل واحد وهو الروح الإنسانية {فالذين هاجروا} من غير الله تعالى إلى الله عز وجل: {وَأُخْرِجُواْ مِن ديارهم} وهي مألوفات أنفسهم {وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِى} بما قاسوا من المنكرين، وعن بعض العارفين أن القوم إذا لم يذوقوا مرارة إيذاء المنكرين لم يفوزوا بحلاوة كأس القرب من الله تعالى، ولهذا قال الجنيد قدس سره: جزى الله تعالى إخواننا عنا خيرًا ردونا بجفائهم إلى الله تعالى: {وَقَاتِلُواْ} أنفسهم فيّ وهي أعدى أعدائهم {وَقُتّلُواْ} بسيف الفناء {لاكَفّرَنَّ عَنْهُمْ سيئاتهم} الصغائر والكبائر من بقايا صفاتهم وذواتهم {وَلاَدْخِلَنَّهُمْ جنات} ثلاث وهي جنة الأفعال، وجنة الصفات، وجنة الذات {تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانهار} أنهار العلوم والتجليات {ثَوَابًا مّن عِندِ الله} الجامع لجميع الصفات {والله عِندَهُ حُسْنُ الثواب} [آل عمران: 195] فلا يكون بيد غيره ثواب أصلًا {لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الذين كَفَرُواْ} أي حجبوا عن التوحيد {فِى البلاد} [آل عمران: 196] في المقامات الدنيوية والأحوال {متاع قَلِيلٌ} لسرعة زواله وعدم نفعه {ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} الحرمان {وَبِئْسَ المهاد} [آل عمران: 197] الذي اختاروه بحسب استعدادهم {لَكِنِ الذين اتقوا رَبَّهُمْ} بأن تجردوا كمال التجرد {لَهُمْ جنات} ثلاث عوض ذلك {نُزُلاٍ مّنْ عِندِ الله} معدًا لهم {وَمَا عِندَ الله} من نِعَم المشاهدة ولطائف القربة وحلاوة الوصلة {خَيْرٌ لّلابْرَارِ} [آل عمران: 198] {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الكتاب لَمَن يُؤْمِنُ بالله} ويحقق التوحيد الذاتي {وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ} من علم التوحيد والاستقامة {وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ} من علم المبدأ والمعاد ونيل الدرجات {خاشعين للَّهِ} للتجلي الذاتي وما تجلى الله تعالى لشيء إلا خضع له {لاَ يَشْتَرُونَ بئايات الله} تعالى وهي تجليات صفاته {ثَمَنًا قَلِيلًا أُوْلئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ} وهي تلك الجنات {إِنَّ الله سَرِيعُ الحساب} [آل عمران: 199] فيوصل إليهم أجرهم بلا إبطاء {الحساب يَأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ اصبروا} عن المعاصي {وَصَابِرُواْ} على الطاعات {وَرَابِطُواْ} الأرواح بالمشاهدة {واتقوا الله} من مشاهدة الأغيار {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200] بالتجرد عن همومكم وخطراتكم، أو {اصبروا} في مقام النفس بالمجاهدة {وصابروا} في مقام القلب مع التجليات {ورابطوا} في مقام الروح ذواتكم حتى لا تعتريكم فترة أو غفلة واتقوا الله عن المخالفة والإعراض والجفاء {لعلكم} تفوزون بالفلاح الحقيقي، نسأل الله تعالى أن يجعل لنا الحظ الأوفى من امتثال هذه الأوامر وما يترتب عليها نه وكرمه. وهذه الآيات العشر كان يقرؤها صلى الله عليه وسلم كل ليلة كما أخرج ذلك ابن السني، وأبو نعيم، وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه. وأخرج الدارمي عن عثمان قال: من قرأ آخر آل عمران في ليلة كتب الله تعالى له قيام ليلة، وأخرج الطبراني من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مرفوعًا «من قرأ السورة التي يذكر فيها آل عمران يوم الجمعة صلى الله تعالى عليه وملائكته حتى تجب الشمس»، وخبر من قرأ سورة آل عمران أعطي بكل آية أمانًا على جسر جهنم موضوع مختلق على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد عابوا على من أورده من المفسرين، نسأل الله تعالى أن يعصمنا عن الزلل ويحفظنا من الخطأ والخطل إنه جواد كريم رؤوف رحيم، وليكن هذا خاتمة ما أمليته من تفسير الفاتحة والزهراوين، وأنا أرغب إلى الله تعالى بالإخلاص أن يوصلني إلى تفسير المعوذتين، وهو الجلد الأول من روح المعاني، ويتلوه إن شاء الله تعالى الجلد الثاني وكان الفراغ منه في غرة محرم الحرام سنة 1254 ألف ومائتين وأربعة وخمسين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين آمين. .سورة النساء: مدنية على الصحيح وزعم النحاس أنها مكية مستندا إلى أن قوله تعالى: {إن الله يأمركم} الآية نزلت بمكة اتفاقا في شأن مفتاح الكعبة وتعقبه العلامة السيوطي بأن ذلك مستند واه لأنه لا يلزم من نزول آية أو آيات بمكة من سورة طويلة نزل معظمها بالمدينة أن تكون مكية خصوصا أن الأرجح أن ما نزل بعد الهجرة مدني ومن راجع أسباب نزول آياتها عرف الرد عليه ومما يرد عليه أيضا ما أخرجه البخاري عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: ما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده صلى الله تعالى عليه وسلم وبناؤه عليها صلى الله تعالى عليه وسلم كان بعد الهجرة اتفاقا.وقيل: إنها نزلت عند الهجرة وعدة آياتها عند الشاميين مائة وسبع وسبعون وعند الكوفيين ست وسبعون وعند الباقين خمس وسبعون والمختلف فيه منها آيتان: إحداهما أن تضلوا السبيل وثانيتهما فيعذبهم عذابا أليما فالكوفيون يثبتون الأولى آية فقط والشاميون يثبتون الثانية أيضا والباقون يقولون هما بعضا آية.ووجه مناسبتها لآل عمران أمور منها أن آل عمران ختمت بالأمر بالتقوى وافتتحت هذه السورة به وذلك من آكد وجوه المناسبات في ترتيب السور وهو نوع من أنواع البديع يسمى في الشعر تشابه الأطراف وقوم يسمونه بالتسبيغ وذلك كقول ليلى الأخيلية:ومنها أن في آل عمران ذكر قصة أحد مستوفاة وفي هذه السورة ذكر ذيلها وهو قوله تعالى: {فما لكم في المنافقين فئتين} فإنه نزل فيما يتعلق بتلك الغزوة على ما ستسمعه إن شاء الله تعالى مرويا عن البخاري ومسلم وغيرهما ومنها أن في آل عمران ذكر الغزوة التي بعد أحد كما أشرنا إليه في قوله تعالى: {الذين استجابوا لله والرسول} إلخ وأشير إليها هاهنا بقوله سبحانه: {ولا تهنوا في ابتغاء القوم} الآية وبهذين الوجهين يعرف أن تأخير النساء عن آل عمران أنسب من تقديمها عليها كما في مصحف ابن مسعود لأن المذكور هنا ذيل لما ذكر هناك وتابع فكان الأنسب فيه التأخير ومن أمعن نظره وجد كثيرا مما ذكر في هذه السورة مفصلا لما ذكر فيما قبلها فحينئذ يظهر مزيد الارتباط وغاية الاحتباك.بسم الله الرحمن الرحيم
|