الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
وَلاَ يَحِلُّ أَكْلُ مَا ذُبِحَ أَوْ نُحِرَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلاَ مَا سُمِّيَ عَلَيْهِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى مُتَقَرِّبًا بِتِلْكَ الذَّكَاةِ إلَيْهِ سَوَاءٌ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى مَعَهُ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ وَكَذَلِكَ مَا ذُكِّيَ مِنْ الصَّيْدِ لِغَيْرِهِ تَعَالَى: فَلَوْ قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى الْمَسِيحِ، أَوْ قَالَ: عَلَى مُحَمَّدٍ، أَوْ ذَكَرَ سَائِرَ الأَنْبِيَاءِ، فَهُوَ حَلاَلٌ ; لأََنَّهُ لَمْ يُهِلَّ بِهِ لَهُمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْهَا عَمَّا ذُبِحَ لِعِيدِ النَّصَارَى فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَمَّا مَا ذُبِحَ لِذَلِكَ الْيَوْمِ فَلاَ تَأْكُلُوا مِنْهُ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ مَا ذُبِحَ لِلْكَنِيسَةِ فَلاَ تَأْكُلْهُ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ قَيْسٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ زَاذَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: إذَا سَمِعْت النَّصْرَانِيَّ يَقُولُ: بِاسْمِ الْمَسِيحِ، فَلاَ تَأْكُلْ، وَإِذَا لَمْ تَسْمَعْ فَكُلْ. وَصَحَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي ذَبِيحَةِ النَّصْرَانِيِّ إذَا تَوَارَى عَنْك فَكُلْ. وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ فِي ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ، قَالَ: كُلُّ مَا لَمْ تَسْمَعْهُ أَهَلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَعَنْ الْحَسَنِ، وطَاوُوس، وَمُجَاهِدٍ: أَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا ذُبِحَ لِلآلِهَةِ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ وَكَّلَ بِهِمْ مَنْ يَمْنَعُهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا عَلَى ذَبَائِحِهِمْ، وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يُسَمُّوا اللَّهَ تَعَالَى. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: إذَا سَمِعْتَ فِي الذَّبِيحَةِ غَيْرَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلاَ تَأْكُلْ. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: إذَا سَمِعْته يُهِلُّ بِالْمَسِيحِ، فَلاَ تَأْكُلْ. وَهُوَ قَوْلُ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ. قَالَ عَلِيٌّ: وَيُقَالُ لِمَنْ خَالَفَ هَذَا: قَدْ أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى ذَبَائِحَهُمْ، وَهُوَ تَعَالَى يَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَذْبَحُونَ الْخِنْزِيرَ، أَفَيَأْكُلُهُ فَمِنْ قَوْلِهِمْ: لاَ، لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْخِنْزِيرَ فَيُقَالُ لَهُمْ: وَاَللَّهُ تَعَالَى حَرَّمَ مَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِهِ كَمَا حَرَّمَ الْخِنْزِيرَ سَوَاءً سَوَاءً، وَلاَ فَرْقَ. وَلاَ يَحِلُّ أَكْلُ مَا يَصِيدُهُ الْمُحْرِمُ فَقَتَلَهُ حَيْثُ كَانَ مِنْ الْبِلاَدِ، أَوْ يَصِيدُهُ الْمُحِلُّ فِي حَرَمِ مَكَّةَ، أَوْ الْمَدِينَةِ فَقَطْ، فَقَتَلَهُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَلاَ يَحِلُّ أَكْلُ مَا لَمْ يُسَمَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِعَمْدٍ أَوْ نِسْيَانٍ. بُرْهَانُ ذَلِكَ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وقال أبو حنيفة، وَمَالِكٌ: إنْ تَرَكَ عَمْدًا لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ، وَإِنْ تَرَكَ نِسْيَانًا حَلَّ أَكْلُهُ. وقال الشافعي: هُوَ حَلاَلٌ تَرَكَ عَمْدًا، أَوْ نِسْيَانًا. رُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طَرِيقٍ فِيهَا ابْنُ لَهِيعَةَ، أَنَّهُ قَالَ: إذَا خَرَجْتَ قَانِصًا لاَ تُرِيدُ إِلاَّ ذَلِكَ، فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ حِينَ تَخْرُجُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكْفِيك. وَصَحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَنْ ذَبَحَ وَهُوَ مُغْضَبٌ فَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ تَعَالَى أَنَّهُ يُؤْكَلُ وَلْيُسَمِّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَكَلَ. وَعَنْ عَطَاءٍ إذَا قَالَ الْمُسْلِمُ: بِاسْمِ الشَّيْطَانِ فَكُلْ. وَرُوِّينَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ إبَاحَةَ أَكْلِ مَا نُسِيَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَلَمْ يُذْكَرْ عَنْهُمْ تَحْرِيمُهُ فِي تَعَمُّدِ تَرْكِ الذِّكْرِ. قال أبو محمد: احْتَجَّ أَهْلُ الْإِبَاحَةِ لِذَلِكَ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عِمْرَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَخِي سُفْيَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَتْ الْيَهُودُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَنَأْكُلُ مِمَّا قَتَلْنَا، وَلاَ نَأْكُلُ مِمَّا قَتَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: قال علي: هذا مِنْ التَّمْوِيهِ الْقَبِيحِ، وَلَيْتَ شِعْرِي أَيُّ ذِكْرٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ لأَِبَاحَةِ أَكْلِ مَا لَمْ يُسَمَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، بَلْ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ كَافِيَةٌ. فأما قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فَمَا نَعْلَمُ لَهُ حُجَّةً أَصْلاً. وَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ، وَالْمَالِكِيُّونَ، فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا خَبَرًا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ نَا الأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّ ذَبِيحَةَ الْمُسْلِمِ حَلاَلٌ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ. فَهَذَا مُرْسَلٌ، وَالأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ ضَعِيفٌ. وَخَبَرٌ آخَرُ: مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نَا ثَوْرُ الشَّامِيُّ عَنْ الصَّلْتِ مَوْلَى سُوَيْد قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ حَلاَلٌ وَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ لأََنَّهُ إذَا ذَكَرَ لَمْ يَذْكُرْ إِلاَّ اللَّهَ تَعَالَى. وَهَذَا مُرْسَلٌ لاَ حُجَّةَ فِيهِ، وَالصَّلْتُ أَيْضًا مَجْهُولٌ لاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ. وقال بعضهم: إنَّمَا ذَبَحْت بِدِينِك. قَالَ عَلِيٌّ: وَمَا نَذْبَحُ إِلاَّ بِأَدْيَانِنَا وَبِمَا يَنْهَرُ الدَّمَ، وَمِنْ الذَّبْحِ بِالدِّينِ أَنْ يُسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى فَمَنْ لَمْ يُسَمِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَمْ يَذْبَحْ بِدِينِهِ، وَلاَ كَمَا أُمِرَ. وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنْ قَالُوا: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَأَنْتُمْ تُجِيزُونَ صَلاَةَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهَا نَاسِيًا، وَصَوْمَ مَنْ أَكَلَ فِيهِ نَاسِيًا، فَمَا الْفَرْقُ قَالُوا: وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} إخْرَاجٌ لِلنَّاسِي مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ، لأََنَّ النِّسْيَانَ لَيْسَ فِسْقًا. هَذَا كُلُّ مَا احْتَجُّوا بِهِ، وَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ. أَمَّا سُقُوطُ الْجُنَاحِ فِي الْخَطَأِ، وَسُقُوطُ الْمُؤَاخَذَةِ بِالنِّسْيَانِ وَالْخَطَأِ، وَرَفْعُهُمَا عَنَّا، فَنَعَمْ وَهُوَ قَوْلُنَا، وَهَكَذَا نَقُولُ: إنَّهُ هَهُنَا مَرْفُوعٌ عَنْهُ الْإِثْمُ وَالْحَرَجُ إذَا نَسِيَ التَّسْمِيَةَ، لَكِنَّا قلنا: إنَّهُ لَمْ يُذَكِّ، لَكِنْ ظَنَّ أَنَّهُ ذَكَّى وَلَمْ يُذَكِّ، كَمَنْ نَسِيَ الصَّلاَةَ وَظَنَّ أَنَّهُ صَلَّى وَهُوَ لَمْ يُصَلِّ، فَلَمَّا لَمْ يُذَكِّ كَانَ مَيْتَةً لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ، لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَهَانَا أَنْ نَأْكُلَ مَا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكَانَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ مَتَى وُجِدَتْ فِي مَذْبُوحٍ أَوْ مَنْحُورٍ أَوْ تَصَيُّدٍ لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا جَهِلُوا الْفَرْقَ بَيْنَهُ مِنْ ذَلِكَ: هُوَ أَنَّ الْعَمَلَ الْمَأْمُورَ بِهِ مَنْ نَسِيَ أَنْ يَعْمَلَهُ، أَوْ تَعَمَّدَ أَنْ لاَ يَعْمَلَهُ، فَلَمْ يَعْمَلْهُ إِلاَّ أَنَّ النَّاسِيَ غَيْرُ حَرِجٍ فِي نِسْيَانِهِ وَالْعَامِدَ فِي حَرَجٍ، وَكُلُّ عَمَلٍ عَمِلَهُ الْمَرْءُ مِمَّا أُمِرَ بِهِ فَزَادَ فِيهِ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ نَاسِيًا فَلاَ حَرَجَ عَلَيْهِ فِيمَا عَمِلَ نَاسِيًا، وَعَمَلُهُ لِمَا عَمِلَ مِمَّا أُمِرَ بِهِ صَحِيحٌ جَائِزٌ جَازَ فَهَذَا هُوَ حُكْمُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ إِلاَّ مَا جَاءَ نَصٌّ بِإِخْرَاجِهِ عَنْ هَذَا الْحُكْمِ فَيُوقَفُ عِنْدَهُ. وَأَمَّا قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} فَلَمْ نَقُلْ قَطُّ: إنَّ نِسْيَانَ النَّاسِي لِتَسْمِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ذَبِيحَتِهِ وَنَحِيرَتِهِ وَصَيْدِهِ: فِسْقٌ، وَلاَ قلنا: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى نِسْيَانَهُ لِذَلِكَ: فِسْقًا، لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى ذَلِكَ الْعَقِيرَ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ: فِسْقًا هَذَا نَصُّ الآيَةِ الَّذِي لاَ يَجُوزُ إحَالَتُهَا عَنْهُ أَنَّ مَا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ فِسْقٌ، وَالْفِسْقُ مُحَرَّمٌ، وَمَا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَهُوَ مِمَّا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَهُوَ حَرَامٌ بِنَصِّ الآيَةِ الَّتِي لاَ تَحْتَمِلُ تَأْوِيلاً سِوَاهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. نَا حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ نَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَاجِيَّ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ نَا أَحْمَدُ بْنُ مُسْلِمٍ نَا أَبُو ثَوْرٍ نَا مُعَلَّى نَا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ، هُوَ ابْنُ عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: إنَّ رَجُلاً نَسِيَ أَنْ يُسَمِّيَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى شَاةٍ ذَبَحَهَا فَأَمَرَ ابْنُ عُمَرَ غُلاَمَهُ فَقَالَ: إذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا لأََحَدٍ فَقُلْ لَهُ: إنَّ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: إنَّ هَذَا لَمْ يُذْكَرْ اسْمِ اللَّهِ عَلَيْهَا حِينَ ذَبَحَهَا وَهَذَا إسْنَادٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ خَالِدٍ هُوَ الْحَذَّاءُ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: لاَ تَأْكُلْ إِلاَّ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ أَشْعَثَ هُوَ الْحُمْرَانِيُّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَمَّنْ ذَبَحَ وَنَسِيَ أَنْ يُسَمِّيَ اللَّهَ فَتَلاَ عَبْدُ اللَّهِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ كَرِهَ مَا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ بِنِسْيَانٍ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: إذَا وَجَدْت سَهْمًا فِي صَيْدٍ وَقَدْ مَاتَ فَلاَ تَأْكُلْهُ، إنَّك لاَ تَدْرِي مَنْ رَمَاهُ، وَلاَ تَدْرِي أَسَمَّى أَمْ لَمْ يُسَمِّ وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ الْمُنْقِرِيُّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ فِيمَا نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَرَأَيْت لَوْ قُلْتُ: كُلْ وَقَالَ اللَّهُ: لاَ تَأْكُلْ أَكُنْتَ تَأْكُلُ وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَرِهَ أَكْلَ مَا نَسِيَ ذَابِحُهُ أَنْ يُسَمِّيَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِ. وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَرِهَ أَكْلَ مَا نَسِيَ ذَابِحُهُ أَنْ يُسَمِّيَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِ، وَبِهَذَا جَاءَتْ السُّنَنُ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ نَا زَائِدَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ نَا عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فَكُلْ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ. وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ نَا الشَّعْبِيُّ سَمِعْت عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ يَقُولُ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرْسِلُ كَلْبِي فَأَجِدُ مَعَ كَلْبِي كَلْبًا قَدْ أَخَذَ لاَ أَدْرِي أَيَّهُمَا أَخَذَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلاَ تَأْكُلْ إنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى غَيْرِهِ فَجَعَلَ عليه السلام الْمَانِعَ مِنْ الأَكْلِ لأََنَّهُ لَمْ يُسَمِّ عَلَى الَّذِي لاَ يَدْرِي أَهُوَ قَتَلَهُ أَمْ غَيْرُهُ. وَمَنْ سَمَّى بِالْعَجَمِيَّةِ فَقَدْ سَمَّى كَمَا أُمِرَ ; لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَشْتَرِطْ لُغَةً مِنْ لُغَةٍ، وَلاَ تَسْمِيَةً مِنْ تَسْمِيَةٍ، فَكَيْفَمَا سَمَّى فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَمَنْ ذَبَحَ مَالَ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ فَنَسِيَ أَنْ يُسَمِّيَ اللَّهَ تَعَالَى، أَوْ تَعَمَّدَ فَهُوَ ضَامِنٌ مِثْلَ الْحَيَوَانِ الَّذِي أَفْسَدَ، لأََنَّهُ مَيْتَةٌ كَمَا قَدَّمْنَا فَقَدْ أَفْسَدَ مَالَ أَخِيهِ، وَأَمْوَالُ النَّاسِ تُضْمَنُ بِالْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَلاَ يَحِلُّ أَكْلُ مَا نَحَرَهُ أَوْ ذَبَحَهُ إنْسَانٌ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ مَالِكِهِ بِغَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ تَعَدٍّ بِغَيْرِ حَقٍّ وَهُوَ مَيْتَةٌ لاَ يَحِلُّ لِصَاحِبِهِ، وَلاَ لِغَيْرِهِ وَيَضْمَنُهُ قَاتِلُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ نَظَرًا صَحِيحًا كَخَوْفِ أَنْ يَمُوتَ فَبَادَرَ بِذَكَاتِهِ، أَوْ نَظَرًا لِصَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ غَائِبٍ، أَوْ فِي حَقٍّ وَاجِبٍ. بُرْهَانُ ذَلِكَ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَقَالَ تَعَالَى: وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْحَيَوَانَ حَرَامٌ أَكْلُهُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْنَا، فَالذَّكَاةُ حَقٌّ مَأْمُورٌ بِهِ طَاعَةً لِلَّهِ تَعَالَى لاَ يَحِلُّ أَكْلُ مَا حُرِّمَ مِنْ الْحَيَوَانِ إِلاَّ بِهِ، وَذَبْحُ الْمُعْتَدِي بَاطِلٌ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ مَعْصِيَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى بِلاَ خِلاَفٍ وَبِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ. وَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُتَيَقَّنِ أَنْ تَنُوبَ الْمَعْصِيَةُ عَنْ الطَّاعَةِ وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ مَعَنَا عَلَى أَنَّ الْفُرُوجَ الْمُحَرَّمَةَ لاَ تَحِلُّ إِلاَّ بِالْعَقْدِ الْمَأْمُورِ بِهِ لاَ بِالْعَقْدِ الْمُحَرَّمِ: فَمِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ أَنْ يُبِيحُوا الْحَيَوَانَ الْمُحَرَّمَ بِالْفِعْلِ الْمُحَرَّمِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ تَصَيُّدِ الْمُحْرِمِ لِلصَّيْدِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ ذَبْحِ الْمُتَعَدِّي لِمَا حُرِّمَ عَلَيْهِ ذَبْحُهُ وَبِهَذَا جَاءَتْ السُّنَنُ الثَّابِتَةُ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ نَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ نَا وَكِيعٌ نَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِع بْنِ خَدِيجٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ مِنْ تِهَامَةَ فَأَصَبْنَا غَنَمًا وَإِبِلاً فَعَجَّلَ الْقَوْمُ فَأَغْلَوْا بِهَا الْقُدُورَ فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ عَدَلَ عَشْرًا مِنْ الْغَنَمِ بِجَزُورٍ. فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ بِهَرْقِ الْقُدُورِ الَّتِي فِيهَا اللَّحْمُ الْمَذْبُوحُ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَلاَ شَكَّ فِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَلاَلاً أَكْلُهُ مَا أَمَرَ بِهَرْقِهِ، لأََنَّهُ عليه السلام نَهَى عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّهُ حَرَامٌ مَحْضٌ، وَأَنَّ ذَبْحَهُ وَنَحْرَهُ تَعَدٍّ يُوجِبُ الضَّمَانَ، وَلاَ يُبِيحُ الأَكْلَ. وَمَا نَعْلَمُ لِلْمُخَالِفِ حُجَّةً أَصْلاً لاَ مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ، وَلاَ مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلاَ مِنْ قِيَاسٍ، إِلاَّ أَنَّ بَعْضَهُمْ مَوَّهَ بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةٍ، فَاسْتَقْبَلَهُ دَاعِي امْرَأَةٍ فَجَاءَ وَجِيءَ بِالطَّعَامِ فَوَضَعَ يَدَهُ ثُمَّ وَضَعَ الْقَوْمُ أَيْدِيَهُمْ فَأَكَلُوا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلُوكُ لُقْمَةً فِي فِيهِ ثُمَّ قَالَ: أَجِدُ لَحْمَ شَاةٍ أُخِذَتْ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهَا، فَأَرْسَلَتْ الْمَرْأَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَرْسَلْتُ إلَى الْبَقِيعِ مَنْ يَشْتَرِي لِي شَاةً فَلَمْ أَجِدْ فَأَرْسَلْتُ إلَى جَارٍ لِي قَدْ اشْتَرَى شَاةً أَنْ أَرْسِلْ بِهَا إلَيَّ بِثَمَنِهَا، فَلَمْ يُوجَدْ فَأَرْسَلْتُ إلَى امْرَأَتِهِ، فَأَرْسَلَتْ إلَيَّ بِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْعِمِيهِ الْأُسَارَى. قال أبو محمد: وَهَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، بَلْ هُوَ لَوْ صَحَّ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ: أَوَّلُ ذَلِكَ: أَنَّهُ عَنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمَّ، وَلاَ يُدْرَى أَصَحَّتْ صُحْبَتُهُ أَمْ لاَ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً لَنَا لأََنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَحِلَّ أَكْلَهُ، وَلاَ أَبَاحَ لأََحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَكْلَ شَيْءٍ مِنْهُ، بَلْ أَمَرَ بِأَنْ يُطْعِمَ الْكُفَّارَ الْمُسْتَحِلِّينَ لِلْمَيْتَةِ، وَلَعَلَّ أُولَئِكَ الْأُسَارَى كَانُوا مَرْضَى يَحِلُّ لَهُمْ التَّدَاوِي بِالْمَيْتَةِ، مَعَ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ غَصْبًا، وَلاَ مَسْرُوقَةً، وَإِنَّمَا أَخَذَتْهَا بِشِرَاءٍ صَحِيحٍ عِنْدَ نَفْسِهَا، لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِ مَالِكِهَا لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهَا لِمُسْلِمٍ، فَبَطَلَ تَمْوِيهُهُمْ بِهَذَا الْخَبَرِ. وَلاَ شَكَّ فِي أَنَّ تِلْكَ الشَّاةَ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَذَلِكَ مَنْصُوصٌ فِي الْخَبَرِ مِنْ قَوْلِ الْمَرْأَةِ " ابْعَثْهَا إلَيَّ بِثَمَنِهَا " وَنَحْنُ نَأْتِيهِمْ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ بِعَيْنِهَا بِمَا هُوَ حُجَّةٌ مُبَيَّنَةٌ عَلَيْهِمْ لَنَا فِي هَذِهِ الْمسألة: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد السِّجِسْتَانِيِّ نَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ هُوَ سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ النَّاسَ حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ وَجَهْدٌ، فَأَصَابُوا غَنَمًا فَانْتَهَبُوهَا، فَإِنَّ قُدُورَنَا لَتَغْلِي، إذْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي عَلَى قَوْسِهِ فَأَكْفَأَ قُدُورَنَا بِقَوْسِهِ ثُمَّ جَعَلَ يُرَمِّلُ اللَّحْمَ بِالتُّرَابِ ثُمَّ قَالَ: إنَّ النُّهْبَةَ لَيْسَتْ بِأَحَلَّ مِنْ الْمَيْتَةِ، أَوْ إنَّ الْمَيْتَةَ لَيْسَتْ بِأَحَلَّ مِنْ النُّهْبَةِ ; شَكَّ أَبُو الأَحْوَصِ فِي أَيَّتِهِمَا قَالَ عليه السلام. فَهَذَا ذَلِكَ الْإِسْنَادُ نَفْسُهُ بِبَيَانٍ لاَ إشْكَالَ فِيهِ مِنْ إفْسَادِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّحْمَ الْمَذْبُوحَ مُنْتَهَبًا غَيْرَ مَقْسُومٍ وَخَلَطَهُ بِالتُّرَابِ. فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّهُ حَرَامٌ بَحْتٌ لاَ يَحِلُّ أَصْلاً، إذْ لَوْ حَلَّ لَمَا أَفْسَدَهُ عليه السلام ; فَمِنْ الْعَجَائِبِ أَنْ تَكُونَ طَرِيقٌ وَاحِدَةٌ حُجَّةً فِيمَا لاَ بَيَانَ فِيهَا مِنْهُ، وَلاَ تَكُونُ حُجَّةً فِيمَا فِيهَا الْبَيَانُ الْجَلِيُّ مِنْهُ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ طَاوُوس، وَعِكْرِمَةَ النَّهْيَ عَنْ أَكْلِ ذَبِيحَةِ السَّارِقِ وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ ابْنِ رَاهْوَيْهِ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِ، وَلاَ نَعْلَمُ خِلاَفَ قَوْلِنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلاَ عَنْ تَابِعٍ إِلاَّ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَرَبِيعَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، فَقَطْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَلاَ يَحِلُّ أَكْلُ مَا ذُبِحَ أَوْ نُحِرَ فَخْرًا أَوْ مُبَاهَاةً لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا قُتَيْبَةُ نَا يَحْيَى، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: " إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الأَرْضِ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا رِبْعِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَارُودِ قَالَ: سَمِعْت الْجَارُودَ بْنَ أَبِي سَبْرَةَ يَقُولُ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي رِيَاحٍ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ وَثِيلٍ هُوَ سُحَيْمٌ قَالَ: وَكَانَ شَاعِرًا نَافِرًا غَالِبًا أَبَا الْفَرَزْدَقِ الشَّاعِرُ بِمَاءٍ بِظَهْرِ الْكُوفَةِ عَلَى أَنْ يَعْقِرَ هَذَا مِائَةً مِنْ إبِلِهِ وَهَذَا مِائَةً مِنْ إبِلِهِ إذَا وَرَدَتْ، فَلَمَّا وَرَدَتْ الْإِبِلُ الْمَاءَ قَامَا إلَيْهَا بِالسُّيُوفِ فَجَعَلاَ يَكْسَعَانِ عَرَاقِيبَهَا، فَخَرَجَ النَّاسُ عَلَى الْحُمُرَاتِ يُرِيدُونَ اللَّحْمَ وَعَلِيٌّ بِالْكُوفَةِ فَخَرَجَ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُنَادِي: أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَأْكُلُوا مِنْ لُحُومِهَا فَإِنَّهَا مِمَّا أُهِلَّ بِهَا لِغَيْرِ اللَّهِ. وَعَنْ عِكْرِمَةَ لاَ تُؤْكَلُ ذَبِيحَةٌ ذَبَحَهَا الشُّعَرَاءُ فَخْرًا وَرِيَاءً، وَلاَ مَا ذَبَحَهُ الأَعْرَابُ عَلَى قُبُورِهِمْ، وَلاَ يُعْلَمُ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه فِي هَذَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم. وَكُلُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ فَهُوَ بُرْهَانٌ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ تَحْرِيمِ ذَبِيحَةِ السَّارِقِ، وَالْغَاصِبِ، وَالْمُتَعَدِّي لأََنَّ هَؤُلاَءِ بِلاَ شَكٍّ مِمَّنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَذَبَائِحُهُمْ وَنَحَائِرُهُمْ مِمَّنْ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ بِيَقِينٍ، إذْ لاَ يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ أَنْ يَعْصِيَ أَحَدٌ يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى: وَهَؤُلاَءِ عُصَاةٌ لِلَّهِ تَعَالَى بِلاَ شَكٍّ، مُخَالِفُونَ لأََمْرِهِ فِي ذَلِكَ الذَّبْحِ نَفْسِهِ، وَفِي ذَلِكَ الْعَقْرِ نَفْسِهِ. وَأَمَّا جَوَازُ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ نَظَرًا وَمَصْلَحَةً فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ هُوَ الْمُقَدَّمِيُّ نَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ يُخْبِرُ ابْنَ عُمَرَ بِأَنَّ أَبَاهُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ جَارِيَةً لَهُمْ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ فَأَبْصَرَتْ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا مَوْتًا فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا فَقَالَ لأََهْلِهِ: لاَ تَأْكُلُوا حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْأَلَهُ أَوْ أُرْسِلَ إلَيْهِ مَنْ يَسْأَلُهُ فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَكْلِهَا. فَلَوْ خَرَجَتْ بَيْضَةٌ مِنْ دَجَاجَةٍ مَيِّتَةٍ أَوْ طَائِرٍ مَيِّتٍ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ لَوْ ذُكِّيَ فَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ قِشْرٍ فَأَكْلُهَا حَلاَلٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ قِشْرٍ بَعْدُ فَهِيَ حَرَامٌ ; لأََنَّهَا إذَا صَارَتْ ذَاتَ قِشْرٍ فَقَدْ بَايَنَتْ الْمَيْتَةَ وَصَارَتْ مُنْحَازَةً عَنْهَا، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ ذَاتَ قِشْرٍ فَهِيَ حِينَئِذٍ بَعْضُ حَشْوَتِهَا وَمُتَّصِلَةٌ بِهَا فَهِيَ حَرَامٌ. وَلَوْ طُبِخَ بَيْضٌ فَوُجِدَ فِي جُمْلَتِهَا بَيْضَةٌ فَاسِدَةٌ قَدْ صَارَتْ دَمًا أَوْ فِيهَا فَرْخٌ رُمِيَتْ الْفَاسِدَةُ وَأُكِلَ سَائِرُ الْبَيْضِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَكُلُّ خُبْزٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ لَحْمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ طُبِخَ أَوْ شُوِيَ بِعَذِرَةٍ أَوْ بِمَيْتَةٍ فَهُوَ حَلاَلٌ كُلُّهُ، لأََنَّهُ لَيْسَ مَيْتَةً، وَلاَ عَذِرَةً، وَالْعَذِرَةُ وَالْمَيْتَةُ حَرَامٌ، وَمَا أُحِلَّ فَهُوَ حَلاَلٌ فَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ عَيْنُ الْعَذِرَةِ أَوْ الْمَيْتَةِ فَهُوَ حَلاَلٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ طَعَامٌ فِي خَمْرٍ، أَوْ فِي عَذِرَةٍ فَغُسِلَ حَتَّى لاَ يَكُونَ لِلْحَرَامِ فِيهِ عَيْنٌ فَهُوَ حَلاَلٌ، إذْ لَمْ يُوجِبْ تَحْرِيمَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ. فَلَوْ مَاتَ حَيَوَانٌ مِمَّا يَحِلُّ أَكْلُهُ لَوْ ذُكِّيَ فَحُلِبَ مِنْهُ لَبَنٌ فَاللَّبَنُ حَلاَلٌ، لأََنَّ اللَّبَنَ حَلاَلٌ بِالنَّصِّ، فَلاَ يُحَرِّمُهُ كَوْنُهُ فِي ضَرْعِ مَيْتَةٍ، لأََنَّهُ قَدْ بَايَنَهَا بَعْدُ، وَهُوَ وَمَا حُلِبَ مِنْهَا فِي حَيَاتِهَا ثُمَّ مَاتَتْ سَوَاءٌ، وَإِنَّمَا هُوَ لَبَنٌ حَلاَلٌ فِي وِعَاءٍ حَرَامٍ فَقَطْ، فَهُوَ وَاَلَّذِي فِي وِعَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ سَوَاءٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَلاَ يَحِلُّ أَكْلُ السُّمِّ الْقَاتِلِ بِبُطْءٍ أَوْ تَعْجِيلٍ، وَلاَ مَا يُؤْذِي مِنْ الأَطْعِمَةِ، وَلاَ الْإِكْثَارُ مِنْ طَعَامٍ يُمْرِضُ الْإِكْثَارُ مِنْهُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانِ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ قَالَ: سَمِعْت أُسَامَةَ بْنَ شَرِيكٍ قَالَ " شَهِدْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ بِهِ دَوَاءً إِلاَّ الْهَرَمَ قَالَ عَلِيٌّ: زِيَادٌ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ، وَسُفْيَانُ وَمِسْعَرٌ، وَأَبُو عَوَانَةَ وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ الثَّابِتِ هُمْ الَّذِينَ لاَ يَكْتَوُونَ، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ حُمِدَ لِتَرْكِ الدَّوَاءِ أَصْلاً، وَلاَ ذِكْرَ لِلْمَنْعِ مِنْهُ، وَأَمْرُهُ عليه السلام بِالتَّدَاوِي: نَهْيٌ عَنْ تَرْكِهِ، وَأَكْلُ الْمُضِرِّ: تَرْكٌ لِلتَّدَاوِي، فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَكُلُّ حَيَوَانٍ ذَكِيٍّ فَوُجِدَ فِي بَطْنِهِ جَنِينٌ مَيِّتٌ، وَقَدْ كَانَ نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ بَعْدُ فَهُوَ مَيِّتَةٌ لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ، فَلَوْ أُدْرِكَ حَيًّا فَذُكِّيَ حَلَّ أَكْلُهُ، فَلَوْ كَانَ لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ بَعْدُ فَهُوَ حَلاَلٌ إِلاَّ إنْ كَانَ بَعْدُ دَمًا لاَ لَحْمَ فِيهِ، وَلاَ مَعْنَى لأَِشْعَارِهِ، وَلاَ لِعَدَمِ إشْعَارِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. بُرْهَانُ ذَلِكَ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَقَالَ تَعَالَى: وَمِنْ طَرِيقِ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنِينِ كُلُوهُ إنْ شِئْتُمْ، مُجَالِدٌ ضَعِيفٌ، وَأَبُو الْوَدَّاكِ ضَعِيفٌ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ حَدِيثُ أَبِي الزُّبَيْرِ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ اللَّيْثِ عَنْهُ، أَوْ لَمْ يَقُلْ فِيهِ أَبُو الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ جَابِرٍ ; فَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ جَابِرٍ وَهَذَا مِنْ هَذَا النَّمَطِ لاَ يُدْرَى مِمَّنْ أَخَذَهُ عَنْ جَابِرٍ فَهُوَ عَنْ مَجْهُولٍ عَلَى مَا أَوْرَدْنَا قَبْلُ. ثُمَّ لَمْ يَأْتِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ إِلاَّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ شُعَيْبٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ بِشْرٍ، وَعَتَّابِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ الْقَدَّاحِ وَكُلُّهُمْ ضُعَفَاءُ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي حُذَيْفَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى قَالَ: ذُكِرَ لِي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنِينِ إذَا أَشْعَرَ فَذَكَاتُهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ أَبُو حُذَيْفَةَ ضَعِيفٌ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَسْقَطُ مِنْهُ ثُمَّ هُوَ مُنْقَطِعٌ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَخِيهِ عِيسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ إذَا أَشْعَرَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى سَيِّئُ الْحِفْظِ، ثُمَّ هُوَ مُنْقَطِعٌ. وَقَالُوا: هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ فِي جَنِينِ النَّاقَةِ إذَا تَمَّ وَأَشْعَرَ: فَذَكَاتُهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ وَيُنْحَرُ. وَمِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ إذَا أَشْعَرَ جَنِينُ النَّاقَةِ فَكُلْهُ، فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ وَعَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى جَنِينِ نَاقَةٍ وَأَخَذَ بِذَنَبِهِ وَقَالَ: هَذَا مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ وَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ نَحْرُ جَنِينِ النَّاقَةِ نَحْرُ أُمِّهِ. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ وَهُوَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وطَاوُوس، وَأَبِي ظَبْيَانَ، وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَنَافِعٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَالشَّافِعِيِّ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ فِي جَنِينِ الْمَذْبُوحَةِ قَالَ: لاَ تَكُونُ ذَكَاةُ نَفْسٍ عَنْ نَفْسَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَزُفَرَ:، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمَيْمُونِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ عُمَرَ النَّصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَيَّانَ قُلْت لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ النَّاقَةُ تُذْبَحُ وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ يَرْتَكِضُ فَيُشَقُّ بَطْنُهَا فَيَخْرُجُ جَنِينُهَا أَيُؤْكَلُ قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: إنَّ الأَوْزَاعِيَّ قَالَ: لاَ يُؤْكَلُ، قَالَ: أَصَابَ الأَوْزَاعِيُّ فَهَذَا قَوْلٌ لِمَالِكٍ أَيْضًا. وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ فِي إبَاحَةِ أَكْلِهِ: فَرُوِّينَا عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. قَالَ: إذَا عَلِمَ أَنَّ مَوْتَ الْجَنِينِ قَبْلَ مَوْتِ أُمِّهِ أُكِلَ وَإِلَّا لَمْ يُؤْكَلْ، قِيلَ لَهُ: مِنْ أَيْنَ يَعْلَمُ ذَلِكَ قَالَ: إذَا خَرَجَ لَمْ يَنْتَفِخْ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فَهُوَ مَوْتُهَا. وقال بعضهم: لاَ يُؤْكَلُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَشْعَرَ وَتَمَّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالزُّهْرِيِّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَنَافِعٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ يَحْيَى: فَإِنْ خَرَجَ حَيًّا لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ إِلاَّ أَنْ يُذَكَّى وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، إِلاَّ، أَنَّهُ قَالَ: إنْ خَرَجَ حَيًّا كُرِهَ أَكْلُهُ، وَلَيْسَ حَرَامًا. وَقَالَ آخَرُونَ: أَشْعَرَ أَوْ لَمْ يُشْعِرْ هُوَ حَلاَلٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَسُفْيَانَ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَالشَّافِعِيِّ. قال أبو محمد: لَوْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقُلْنَا بِهِ مُسَارِعِينَ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ فَلاَ يَحِلُّ تَرْكُ الْقُرْآنِ لِقَوْلِ قَائِلٍ أَوْ قَائِلِينَ: فأما أَبُو حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُ يُشَنِّعُ، بِخِلاَفِ الصَّاحِبِ لاَ يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ، وَخِلاَفِ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَيَرَى ذَلِكَ خِلاَفًا لِلْإِجْمَاعِ، هَذَا مَكَانٌ خَالَفَ فِيهِ الصَّحَابَةَ وَجُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ مِنْ التَّابِعِينَ وَالآثَارُ الَّتِي يَحْتَجُّ هُوَ بِأَسْقَطَ مِنْهَا وَهَذَا تَنَاقُضٌ فَاحِشٌ. وَأَمَّا مَالِكٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحَرِّمْ الْجَنِينَ إذَا خَرَجَ بَعْدَ ذَبْحِ أُمِّهِ حَيًّا، وَمَا نَعْلَمُ هَذَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَهُ. وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إنْ كَانَ عِنْدَهُ ذَكِيًّا بِذَكَاةِ أُمِّهِ أَنَّهُ إنْ عَاشَ وَكَبُرَ وَأَلْقَحَ وَنَتَجَ أَنَّهُ حَلاَلٌ أَكْلُهُ مَتَى مَاتَ، لأََنَّهُ ذُكِّيَ بَعْدُ بِذَكَاةِ أُمِّهِ وَحَاشَا لِلَّهِ مِنْ هَذَا، فَكِلاَهُمَا خَالَفَ الْإِجْمَاعَ، أَوْ مَا يَرَاهُ إجْمَاعًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَلاَ يَحِلُّ الأَكْلُ، وَلاَ الشُّرْبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ لاَ لِرَجُلٍ، وَلاَ لأَمْرَأَةٍ، فَإِنْ كَانَ مُضَبَّبًا بِالْفِضَّةِ جَازَ الأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِيهِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، لأََنَّهُ لَيْسَ إنَاءَ فِضَّةٍ، فَإِنْ كَانَ مُضَبَّبًا بِالذَّهَبِ، أَوْ مُزَيَّنًا بِهِ حَرُمَ عَلَى الرِّجَالِ، لأََنَّ فِيهِ اسْتِعْمَالَ ذَهَبٍ وَحَلَّ لِلنِّسَاءِ لأََنَّهُ لَيْسَ إنَاءُ ذَهَبٍ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ هُوَ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الَّذِي يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ فَهَذَا عُمُومٌ يَدْخُلُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ. وَصَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ الذَّهَبَ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِهِ حِلٌّ لأَِنَاثِهَا. وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ أُتِيَ بفالوذج فِي إنَاءِ فِضَّةٍ فَأَخْرَجَهُ وَجَعَلَهُ عَلَى رَغِيفٍ وَأَكَلَهُ إِلاَّ أَنْ يَصِحَّ مَا حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْعُذْرِيُّ قَاضِي سَرَقُسْطَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُطَّوِّعِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَاكِمُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الطُّوسِيُّ بِنَيْسَابُورَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ بِمَكَّةَ، قَالاَ جَمِيعًا: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَارِي، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ شَرِبَ فِي إنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ إنَاءٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ. فَإِنْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ قلنا بِهِ عَلَى نَصِّهِ، وَلَمْ يَحِلَّ الشُّرْبُ فِي إنَاءٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِرَجُلٍ، وَلاَ لأَمْرَأَةٍ، وَإِنَّمَا تَوَقَّفْنَا عَنْهُ لأََنَّ زَكَرِيَّا بْنَ إبْرَاهِيمَ لاَ نَعْرِفُهُ بِعَدْلٍ، وَلاَ جِرَاحَةٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْعَلاَءِ عَنْ يَعْلَى بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: قَالَ عَمْرٌو: مَنْ شَرِبَ فِي قَدَحٍ مُفَضَّضٍ سَقَاهُ اللَّهُ جَمْرًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَصَحَّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَشْرَبُ بِقَدَحٍ فِيهِ ضَبَّةُ فِضَّةٍ، وَلاَ حَلَقَةُ فِضَّةٍ: وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِثْلُ هَذَا وَعَنْ آخَرِينَ إبَاحَتُهُ. وَلاَ يَحِلُّ الْقِرَانُ فِي الأَكْلِ إِلاَّ بِإِذْنِ الْمُؤَاكَلِ، وَهُوَ أَنْ تَأْخُذَ أَنْتَ شَيْئَيْنِ شَيْئَيْنِ وَيَأْخُذَ هُوَ وَاحِدًا وَاحِدًا كَتَمْرَتَيْنِ وَتَمْرَةٍ، أَوْ تِينَتَيْنِ وَتِينَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ كُلُّهُ لَك فَافْعَلْ فِيهِ مَا شِئْت. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، حَدَّثَنَا آدَم، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ وَهُوَ يَمُرُّ بِهِمْ وَهُمْ يَأْكُلُونَ لاَ تُقَارِنُوا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْقِرَانِ إِلاَّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ أَخَاهُ قَالَ شُعْبَةُ: الْإِذْنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ. قال علي: هذا أَعَمُّ مِمَّا رَوَاهُ سُفْيَانُ عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ، فَإِذَا أَذِنَ الْمُؤَاكِلُ فَهُوَ حَقُّهُ تَرَكَهُ. وَلاَ يَحِلُّ الْقِرَانُ فِي الأَكْلِ إِلاَّ بِإِذْنِ الْمُؤَاكَلِ، وَهُوَ أَنْ تَأْخُذَ أَنْتَ شَيْئَيْنِ شَيْئَيْنِ وَيَأْخُذَ هُوَ وَاحِدًا وَاحِدًا كَتَمْرَتَيْنِ وَتَمْرَةٍ، أَوْ تِينَتَيْنِ وَتِينَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ كُلُّهُ لَك فَافْعَلْ فِيهِ مَا شِئْت. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، حَدَّثَنَا آدَم، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ وَهُوَ يَمُرُّ بِهِمْ وَهُمْ يَأْكُلُونَ لاَ تُقَارِنُوا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْقِرَانِ إِلاَّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ أَخَاهُ قَالَ شُعْبَةُ: الْإِذْنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ. قال علي: هذا أَعَمُّ مِمَّا رَوَاهُ سُفْيَانُ عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ، فَإِذَا أَذِنَ الْمُؤَاكِلُ فَهُوَ حَقُّهُ تَرَكَهُ.
وَلاَ يَحِلُّ أَكْلُ جُبْنٍ عُقِدَ بِإِنْفَحَة مَيْتَةٍ لأََنَّ أَثَرَهَا ظَاهِرٌ فِيهِ وَهُوَ عَقْدُهَا لَهُ لِمَا ذَكَرَ آنِفًا وَهَكَذَا كُلُّ مَا مُزِجَ بِحَرَامٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَلاَ يَحِلُّ أَكْلُ مَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ، لأََمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَرْقِهِ، فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ وَلَمْ يَلَغْ فِيهِ فَهُوَ كُلُّهُ حَلاَلٌ وَقَدْ تَقَصَّيْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَلاَ يَحِلُّ الأَكْلُ مِنْ وَسَطِ الطَّعَامِ، وَلاَ أَنْ تَأْكُلَ مِمَّا لاَ يَلِيَك سَوَاءٌ كَانَ صِنْفًا وَاحِدًا أَوْ أَصْنَافًا شَتَّى، فَلَوْ أَنَّ الْمَرْءَ أَخَذَ شَيْئًا مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ ثُمَّ جَعَلَهُ أَمَامَ نَفْسِهِ وَتَرَكَهُ ثُمَّ أَخَذَهُ فَأَكَلَهُ فَلاَ حَرَجَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ:، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: قَالَ لَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْبَرَكَةُ تَنْزِلُ وَسَطَ الطَّعَامِ فَكُلُوا مِنْ نَوَاحِيهِ، وَلاَ تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهِ سَمَاعُ سُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ مِنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ كَانَ قَبْلَ اخْتِلاَطِهِ. وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِيِّ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيِّ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: كُلْ مِمَّا يَلِيَكَ. وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: اُدْنُهُ يَا بُنَيَّ فَسَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيَكَ فَلَمْ يَخُصَّ عليه السلام صِنْفًا مِنْ أَصْنَافٍ. وَذَكَرَ الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ ذَلِكَ خَبَرًا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الْعَلاَءُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سَوِيَّةَ الْمُنْقِرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْهُذَيْلِ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِكْرَاشِ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَوْا بِحَفْنَةٍ مِنْ ثَرِيدٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عِكْرَاشُ كُلْ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ طَعَامٌ وَاحِدٌ ثُمَّ أَتَيْنَا بِطَبَقٍ فِيهِ أَلْوَانٌ مِنْ رُطَبٍ أَوْ تَمْرٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عِكْرَاشُ كُلْ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ فَإِنَّهُ غَيْرُ طَعَامٍ وَاحِدٍ، قَالَ: وَجَالَتْ يَدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّبَقِ فَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعِكْرَاشِ بْنِ ذُؤَيْبٍ ضَعِيفٌ جِدًّا لاَ يُحْتَجُّ بِهِ، وَمِثْلُ هَذَا لاَ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأََنَّهُ لاَ يَكَادُ يُوجَدُ طَعَامٌ لاَ يَكُونُ أَصْنَافًا إِلاَّ فِي النُّدْرَةِ ; فَالثَّرِيدُ فِيهِ لَحْمٌ وَخُبْزٌ، وَرُبَّمَا بَصَلٌ وَحِمَّصٌ وَالْمَرَقُ كَذَلِكَ، وَيَكُونُ فِي اللَّحْمِ كَبِدٌ وَشَحْمٌ وَلَحْمٌ وَصُدْرَةٌ وَظَهْرٌ، وَهَكَذَا فِي أَكْثَرِ الأَشْيَاءِ. فَإِنْ ذَكَرُوا حَدِيثَ أَنَسٍ: دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَجِيءَ بِمَرَقَةٍ فِيهَا دُبَّاءُ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مِنْ ذَلِكَ الدُّبَّاءِ وَتُعْجِبُهُ، قَالَ أَنَسٌ: فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ إلَيْهِ، وَلاَ أَطْعَمُهُ. وَفِيهِ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الثِّقَاتِ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوْلِ الصَّحْفَةِ فَإِنَّ هَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ إنَّمَا هَذَا فِي الدُّبَّاءِ خَاصَّةً. قال أبو محمد: وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَنَا كَذَلِكَ لأََنَّهُ فِعْلٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقُلْ: إنَّهُ خَاصٌّ بِالدُّبَّاءِ، فَلاَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَقُولَهُ، لَكِنْ نَقُولُ: إنَّ هَذَا الْخَبَرَ مُوَافِقٌ لِمَعْهُودِ الأَصْلِ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ بِلاَ شَكٍّ مُبَاحًا قَبْلَ أَنْ يَقُولَ عليه السلام: كُلْ مِمَّا يَلِيَكَ فَهُوَ مَنْسُوخٌ بِيَقِينٍ بِأَمْرِهِ عليه السلام بِالأَكْلِ مِمَّا يَلِي الآكِلَ، وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ الْمَنْسُوخَ عَادَ مُبَاحًا لَمْ يُصَدَّقْ إِلاَّ بِبُرْهَانٍ لأََنَّهُ دَعْوَى بِلاَ دَلِيلٍ. وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَمَّا تَدَبَّرْنَاهُ وَجَدْنَاهُ لَيْسَ فِيهِ أَلْبَتَّةَ لاَ نَصٌّ، وَلاَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام أَخَذَ الدُّبَّاءَ مِمَّا لاَ يَلِيهِ وَمَنْ ادَّعَى هَذَا فَقَدْ ادَّعَى الْبَاطِلَ وَقَالَ مَا لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ. وَقَدْ يَكُونُ الدُّبَّاءُ فِي نَوَاحِي الصَّحْفَةِ مِمَّا يَلِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ فَيَتَتَبَّعُهُ مِمَّا يَلِيهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ، وَهَذَا الَّذِي لاَ يَجُوزُ أَنْ يَحْمِلَ الْخَبَرَ عَلَى مَا سِوَاهُ. إذْ لَيْسَ فِيهِ مَا يَظُنُّ الْمُخَالِفُ أَصْلاً: فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. فَإِذَا أَخَذَ الْمَرْءُ الشَّيْءَ مِمَّا لاَ يَلِيهِ ثُمَّ جَعَلَهُ أَمَامَهُ فَإِنَّمَا نَهَى عَنْ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا لاَ يَلِيهِ، وَهَذَا لَمْ يَأْكُلْ مِمَّا لاَ يَلِيهِ فَإِذَا صَارَ أَمَامَهُ فَلَهُ أَكْلُهُ حِينَئِذٍ، لأََنَّهُ مِمَّا يَلِيهِ وَقَدْ اجْتَرَّ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ الضَّبَّ مِنْ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَهُ وَلَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ وَسَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِ الضَّبِّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَمَنْ أَكَلَ وَحْدَهُ فَلاَ يَأْكُلُ إِلاَّ مِمَّا يَلِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا آنِفًا فَإِنْ أَدَارَ الصَّحْفَةَ فَلَهُ ذَلِكَ، لأََنَّهُ لَمْ يُنْهَ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُدِيرَ الصَّحْفَةَ لأََنَّ وَاضِعَهَا أَمْلَكُ بِوَضْعِهَا، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ إدَارَتَهَا إنَّمَا جَعَلَ لَهُ الأَكْلَ مِمَّا يَلِيهِ فَقَطْ، فَإِنْ كَانَتْ الْقَصْعَةُ وَالطَّعَامُ لَهُ فَلَهُ أَنْ يُدِيرَهَا كَمَا يَشَاءُ، وَأَنْ يَرْفَعَهَا إذَا شَاءَ ; لأََنَّهُ مَالُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ إِلاَّ مِمَّا يَلِيهِ، لأََنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ عُمُومٌ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَالَ تَعَالَى:
|