الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
وَلاَ يَحِلُّ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ تَوَحَّشَتْ أَوْ لَمْ تَتَوَحَّشْ، وَحَلاَلٌ أَكْلُ حُمُرِ الْوَحْشِ تَأَنَّسَتْ أَوْ لَمْ تَتَأَنَّسْ، وَحَلاَلٌ أَكْلُ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ نَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنِ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ أَنَا أَيُّوبُ هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ، هُوَ ابْنُ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ، فَأُكْفِئَتْ الْقُدُورُ وَإِنَّهَا لَتَفُورُ بِاللَّحْمِ. فَصَحَّ أَنَّهَا كُلَّهَا رِجْسٌ، وَإِهْرَاقُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم الْقُدُورَ بِهَا بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانُ أَنَّ وَدَكَهَا وَشَحْمَهَا وَعَظْمَهَا وَكُلَّ شَيْءٍ مِنْهَا حَرَامٌ. وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: أَكَلْنَا زَمَنَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ وَحُمُرَ الْوَحْشِ فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحِمَارِ الأَهْلِيِّ. وَرُوِّينَا تَحْرِيمَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، وَالْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ: وَسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، وَابْنِ عُمَرَ بِأَسَانِيدَ كَالشَّمْسِ. وَعَنْ أَنَسٍ وَجَابِرٍ كَمَا ذَكَرْنَا، فَهُوَ نَقْلُ تَوَاتُرٍ لاَ يَسَعُ أَحَدًا خِلاَفُهُ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ وَيَأْمُرُ بِلُحُومِ الْخَيْلِ. وَقَدْ رُوِّينَا النَّهْيَ عَنْهَا عَنْ مَجْزَأَةَ بْنِ زَاهِرٍ أَحَدِ الْمُبَايِعِينَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي لُحُومِ الْحُمُرِ قَالَ: هِيَ حَرَامٌ أَلْبَتَّةَ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ وَنَحَا نَحْوَهُ مَالِكٌ، فَإِنْ ذَكَرَ ذَاكِرٌ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَبَاحَهَا. قلنا: لاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ مُتَوَقِّفٌ فِيهَا كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْحُسَيْنِ نَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ نَا أُبَيٌّ نَا عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ عَنْ عَامِرِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: لاَ أَدْرِي أَنَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ حَمُولَةَ النَّاسِ فَكَرِهَ أَنْ تَذْهَبَ حَمُولَتُهُمْ، أَوْ حَرَّمَهُ فِي يَوْمِ خَيْبَرَ لَحْمَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ " فَهَذَا ظَنٌّ مِنْهُ، وَوَهْلَةٌ لأََنَّهُ لَوْ لَمْ يُحَرِّمْهَا عليه السلام جُمْلَةً لَبَيَّنَ وَجْهَ نَهْيِهِ عَنْهَا، وَلَمْ يَدَعْ النَّاسَ إلَى الْحِيرَةِ ; فَكَيْفَ وَقَوْلُهُ عليه السلام فَإِنَّهَا رِجْسٌ وَيَبْطُلُ كُلُّ ظَنٍّ وَلَقَدْ كَانُوا إلَى الْخَيْلِ بِلاَ شَكٍّ أَحْوَجَ مِنْهُمْ إلَى الْحُمُرِ، فَمَا حَمَلَهُ ذَلِكَ عَلَى نَهْيٍ عَنْهَا ; بَلْ أَبَاحَ أَكْلَهَا وَذَكَاتَهَا، إذْ كَانَتْ حَلاَلاً، وَبِذَلِكَ أَيْضًا يَبْطُلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّمَا نَهَى عَنْهَا لأََنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ. وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّمَا حُرِّمَتْ لأََنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ فَظَنٌّ كَاذِبٌ أَيْضًا بِلاَ بُرْهَانٍ، وَالدَّجَاجُ آكَلُ مِنْهَا لِلْعَذِرَةِ وَهِيَ حَلاَلٌ. فَإِنْ ذَكَرُوا: أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ احْتَجَّتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنْ ذَكَرُوا: مَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ عليه السلام فِي لُحُومِ الْحُمُرِ أَطْعِمْ أَهْلَكَ مِنْ سَمِينِ مَالِكَ، فَإِنَّمَا كَرِهْتُ لَكُمْ جَوَّالَ الْقَرْيَةِ، أَلَيْسَ تَأْكُلُ الشَّجَرَ وَتَرْعَى الْفَلاَةَ فَأَصِدْ مِنْهَا. فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ، لأََنَّهَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَالآخَرُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ لُوَيْمٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ أَوْ مِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. ثُمَّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ، وَلاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ عَنْ غَالِبِ بْنِ ديج، وَلاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ وَمِنْ طَرِيقِ سَلْمَى بِنْتِ النَّضْرِ الْخِضْرِيَّةِ، وَلاَ يُدْرَى مَنْ هِيَ. وَأَمَّا حُمُرُ الْوَحْشِ: فَكَمَا ذَكَرْنَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْلِيلَهَا. وقال مالك: إنْ دَجَنَ لَمْ يُؤْكَلْ وَهَذَا خَطَأٌ لأََنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ نَصٌّ ; فَهُوَ قَوْلٌ بِلاَ بُرْهَانٍ، وَلاَ يَصِيرُ الْوَحْشِيُّ مِنْ جِنْسِ الأَهْلِيِّ حَرَامًا بِالدُّجُونِ، وَلاَ يَصِيرُ الأَهْلِيُّ مِنْ جِنْسِ الْوَحْشِيِّ حَلاَلاً بِالتَّوَحُّشِ. وَأَمَّا الْبِغَالُ، وَالْخَيْلُ: فَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ كَرِبَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ، وَالْبِغَالِ، وَالْحَمِيرِ، وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ. وَمِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ وَحَرَّمَ الْمُجَثَّمَةَ. وَخَبَرٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَلَمْ يَنْهَنَا عَنْ الْخَيْلِ. وَذَكَرُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: وَقَالَ تَعَالَى: قال أبو محمد: هَذَا كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ فأما الأَخْبَارُ فَلاَ يُحْتَجُّ بِشَيْءٍ مِنْهَا: أَمَّا حَدِيثُ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ فَهَالِكٌ لأََنَّهُمْ مَجْهُولُونَ كُلُّهُمْ، ثُمَّ فِيهِ دَلِيلُ الْوَضْعِ، لأََنَّ فِيهِ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ: غَزَوْت مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ وَهَذَا بَاطِلٌ ; لأََنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ خَالِدٌ إِلاَّ بَعْدَ خَيْبَرَ بِلاَ خِلاَفٍ. وَأَمَّا حَدِيثُ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، فَعِكْرِمَةَ ضَعِيفٌ. وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِهِ خَبَرًا مَوْضُوعًا لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ يُتَّهَمُ غَيْرَهُ: فأما أُدْخِلَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَأْبَهُ لَهُ، وَأَمَّا الْبَلِيَّةُ مِنْ قَبَلِهِ; وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مُبَيَّنًا فِي كِتَابِ الْإِيصَالِ. وَأَمَّا حَدِيثُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فَإِنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ أَبُو الزُّبَيْرِ سَمَاعًا مِنْ جَابِرٍ ; وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلَ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ مِنْ حَدِيثِهِ عَنْ جَابِرٍ، وَلاَ ذَكَرَ فِيهِ سَمَاعًا مِنْ جَابِرٍ فَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ جَابِرٍ فَصَحَّ مُنْقَطِعًا. وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْخَبَرَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ جَابِرٍ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْبِغَالَ وَقَدْ صَحَّ قَبْلُ عَنْ جَابِرٍ إبَاحَةُ الْخَيْلِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَمَّا الآيَةُ: فَلاَ ذِكْرَ فِيهَا لِلأَكْلِ لاَ بِإِبَاحَةٍ، وَلاَ بِتَحْرِيمٍ، فَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهَا، وَلاَ ذَكَرَ فِيهَا أَيْضًا الْبَيْعَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحَرِّمُوهُ لأََنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الآيَةِ، وَإِبَاحَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا حَاكِمٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَقَدْ صَحَّ مِنْ طَرِيقِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ نَحَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا فَأَكَلْنَاهُ. رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ عَنْ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانِ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَسْمَاءَ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا: مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ، وَحَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، وَسُفْيَانِ الثَّوْرِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَمَعْمَرٍ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ، وَأَبِي أُسَامَةَ، كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ سَعِيدِ الْقَطَّانِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ سَأَلْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ لَحْمِ الْفَرَسِ فَقَالَ: لَمْ يَزَلْ سَلَفُك يَأْكُلُونَهُ قُلْتُ: أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: نَعَمْ. وَقَدْ أَدْرَكَ عَطَاءٌ جُمْهُورَ الصَّحَابَةِ مِنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَمَنْ دُونَهَا. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: ذَبَحَ أَصْحَابُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَرَسًا، قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: فَاقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ ; وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقُ: فَأَكَلُوهُ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا هُشَيْمٌ أَنَا مُغِيرَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: أُهْدِيَ لِلأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ لَحْمُ فَرَسٍ فَأَكَلَ مِنْهُ وبه إلى هُشَيْمٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: مَا أَكَلْتُ لَحْمًا أَطْيَبَ مِنْ مَعْرَفَةِ بِرْذَوْنٍ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ لَحْمِ الْفَرَسِ، وَالْبَغْلِ، وَالْبِرْذَوْنِ فَقَالَ: لاَ أَعْلَمُهُ حَرَامًا، وَلاَ يُفْتِي أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِأَكْلِهِ. قال أبو محمد: لَمْ يُحَرِّمْ الزُّهْرِيُّ الْبَغْلَ، وَأَمَّا فُتْيَا الْعُلَمَاءِ بِأَكْلِ الْفَرَسِ فَتَكَادُ أَنْ تَكُونَ إجْمَاعًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ وَمَا نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ كَرَاهَةَ أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ إِلاَّ رِوَايَةً، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لاَ تَصِحُّ ; لأََنَّهُ عَنْ مَوْلَى نَافِعِ بْنِ عَلْقَمَةَ وَهُوَ مَجْهُولٌ لَمْ يُذْكَرْ اسْمُهُ فَلاَ يُدْرَى مَنْ هُوَ. وَلَوْ صَحَّ عِنْدَنَا فِي الْبَغْلِ نَهْيٌ لَقُلْنَا بِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّ الْبَغْلَ وَلَدُ الْحِمَارِ، وَمُتَوَلِّدٌ مِنْهُ، فَإِنَّ الْبَغْلَ مُذْ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فَهُوَ غَيْرُ الْحِمَارِ، وَلاَ يُسَمَّى حِمَارًا، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُحْكَمَ لَهُ بِحُكْمِ الْحِمَارِ، لأََنَّ النَّصَّ إنَّمَا جَاءَ بِتَحْرِيمِ الْحِمَارِ، وَالْبَغْلُ لَيْسَ حِمَارًا، وَلاَ جُزْءًا مِنْ الْحِمَارِ. وَقَالَ بَعْضُ الْجُهَّالِ: الْحِمَارُ حَرَامٌ بِالنَّصِّ، وَالْفَرَسُ، وَالْبَغْلُ مِثْلُهُ، لأََنَّهُمَا ذَوَا حَافِرٍ مِثْلُهُ فَكَانَ هَذَا مِنْ أَسْخَفِ قِيَاسٍ فِي الأَرْضِ، لأََنَّهُ يُقَالُ لَهُ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَك وَبَيْنَ مَنْ عَارَضَك فَقَالَ: قَدْ صَحَّ تَحْلِيلُ الْفَرَسِ بِالنَّصِّ الثَّابِتِ، وَالْبَغْلُ وَالْحِمَارُ ذَوَا حَافِرٍ مِثْلُهُ، فَهُمَا حَلاَلٌ ; فَهَلْ أَنْتُمَا فِي مُخَالَفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا فَرَسَا رِهَانٍ أَوْ مَنْ قَالَ لَك: حِمَارٌ وَحْشٌ حَلاَلٌ بِإِجْمَاعٍ وَهُوَ ذُو حَافِرٍ، فَالْفَرَسُ، وَالْبَغْلُ مِثْلُهُ وَهَذَا كُلُّهُ تَخْلِيطٌ، بَلْ حِمَارُ الْوَحْشِ، وَالْفَرَسِ مَنْصُوصٌ عَلَى تَحْلِيلِهِمَا، وَالْحِمَارُ الأَهْلِيُّ مَنْصُوصٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ، فَلاَ يَجُوزُ مُخَالَفَةُ النُّصُوصِ. وَأَمَّا الْبَغْلُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَالَ تَعَالَى: وَكُلُّ مَا حَرُمَ أَكْلُ لَحْمِهِ فَحَرَامٌ بَيْعُهُ وَلَبَنُهُ، لأََنَّهُ بَعْضُهُ وَمَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: إِلاَّ أَلْبَانَ النِّسَاءِ فَهِيَ حَلاَلٌ كَمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَيُقَالُ: لَبَنُ الأَتَانِ، وَلَبَنُ الْخِنْزِيرِ، وَبَيْضُ الْغُرَابِ، وَبَيْضُ الْحَيَّةِ، وَبَيْضُ الْحِدَأَةِ كَمَا يُقَالُ يَدُ الْخِنْزِيرِ، وَرَأْسُ الْحِمَارِ، وَجَنَاحُ الْغُرَابِ، وَزِمِكَّى الْحِدَأَةِ، وَلاَ فَرْقَ. وَلاَ يَحِلُّ أَكْلُ الْهُدْهُدِ، وَلاَ الصُّرَدِ، وَلاَ الضِّفْدَعِ، لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِهَا، كَمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ. وَالسُّلَحْفَاةُ الْبَرِّيَّةُ وَالْبَحْرِيَّةُ حَلاَلٌ أَكْلُهَا، وَأَكْلُ بَيْضِهَا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَكَذَلِكَ النُّسُورُ، وَالرَّخَمُ، والبلزج، وَالْقَنَافِذُ، وَالْيَرْبُوعُ، وَأُمُّ حَبِينٍ وَالْوَبْرُ، وَالسَّرَطَانُ، وَالْجَرَاذِينُ، وَالْوَرَلُ، وَالطَّيْرُ كُلُّهُ، وَكُلُّ مَا أَمْكَنَ أَنْ يُذَكَّى مِمَّا لَمْ يُفَصَّلْ تَحْرِيمُهُ. وَكَذَلِكَ الْخُفَّاشُ، وَالْوَطْوَاطُ، وَالْخَطَّافُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ إبَاحَةَ أَكْلِ السُّلَحْفَاةِ، وَالسَّرَطَانِ. وَعَنْ طَاوُوس، وَالْحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَفُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ: إبَاحَةُ أَكْلِ السُّلَحْفَاةِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ نَهَى الْمُحْرِمَ عَنْ قَتْلِ الرَّخَمَةِ وَجَعَلَ فِيهَا الْجَزَاءَ، فَإِنْ ذُكِرَ الْخَبَرُ الَّذِي فِيهِ: الْقُنْفُذُ خَبِيثٌ مِنْ الْخَبَائِثِ فَهُوَ عَنْ شَيْخٍ مَجْهُولٍ لَمْ يُسَمَّ وَلَوْ صَحَّ لَقُلْنَا بِهِ، وَمَا خَالَفْنَاهُ.
|